الارض التي أقام فيها إسرائيل المسماة أرض كنعان في الكتاب المقدس والتي يطلق عليها العلماء الجغرافيون القدماء والمعاصرون اسم فلسطين أي أرض الفلسطينيين هي قطاع صغير من وحدة جغرافية واسعة تسمى الهلال الخصيب ذلك بأن هذه المنطقة تشكل قوساً يقع مركزه في صحراء سورية وفي شمال صحراء الجزيرة العربية وهي مناطق كان يصعب عبورها في العصور القديمة أما الهلال الخصيب فهو منطقة ترويها أنهار على جانب كبير أو قليل من الأهمية دجلة والفرات والعاصي والليطاني والاردن ويحسن بنا أن نضيف إلى هذه المنطقة وادي النيل فهو شبه امتداد لها وإن لم يعده العلماء الجغرافيون من الهلال الخصيب بحصر المعنى والجانب الداخلي من الهلال مكون من مناطق شبه صحراوية هي بمنزلة مرحلة انتقالية إلى الصحراء بينما يتكون جانبه الخارجي من مرتفعات جبلية أنجاد ايران وأرمينية وطوروس وفي هذا الهلال تظهر سورية وفلسطين جزءه الأضيق فهما تشكلان بين البحر المتوسط والصحراء ممراً يقل عرضه عن مئة كيلو متر ويربط بين بلاد ما بين النهرين ووادي النيل احتوت هذه المجموعة من المناطق منذ أقدم العصور عدداً كبيراً من السكان ونمت فيها مراكز حضارية كثيرة وهامة والأماكن التي تمت فيها أضحم التجمعات السكانية هي وادي النيل ودلتا النيل والمجاري السفلى لدجلة والفرات وكانت التنقلات كثيفة بين هذين الطرفين وكانت الطريق الرئيسية تحاذي الفرات وتجتاز سورية مارة بتدمر ودمشق وتخترق فلسطين مارة بمجدو ويافا وتبلغ مصر مارة بغزة ورافية ومن دمشق كان المسافرون يسلكون على طول الصحراء طريق عبر الأردن التي تؤدي إلى الجزيرة العربية مروراً بأيلات وإلى مصر مروراً بشبه جزيرة سيناء وكان هناك خط سير تسلكه القوافل خاصة وكان يصل مباشرة نهر الفرات بالمرافئ الفينيقية صور وصيدا وبيبلوس التي كانت تتصل بمصر عن طريق البحر وعلى تلك الطرق الكبيرة كانت تنقل البضائع والجيوش وتنقل معها الأفكار لم يكن الهلال الخصيب عالماً مغلقاً فقد كان متصلاً مباشرة بجزيرة العرب وبأفريقا مروراً بمصر والنوبة وبالهند مروراً بإيران وبالغرب أيضاً قبرص وكريت والجزر اليونانية وايونيا وفي وقت لاحق اليونان القارية وايطاليا لم ينقطع التبادل التجاري بين الهلال الخصيب وحوض البحر المتوسط مما اضفى على بلدان البحر المتوسط والشرق الادنى بعض الوحدة الثقافية