ظهر كتاب الحكمة قبل المسيح بثلاثين سنة تقريباً بين اليهود المغتربين في الاسكندرية بمصر يعبر الكاتب عن أفكاره بلغة يونانية غير أن لكتابه مكانة في خط الكتب الحكمية التي دونت في العبرية كالأمثال وأيوب والجامعة وبعض المزامير والكاتب يعرف نصوص التكوين والخروج وإشعيا والأمثال وهو مطلع على الآداب اليونانية عبر هوميروس وأفلاطون أما هدفه فهو ليشهد لإيمانه اليهودي بوسائل الفكر اليوناني لذلك يتوجه إلى أبناء دينه الذين يجهلون العبرية مشدداً إيمانهم بالعهد وإلى القراء اليونان ليقنعهم بعظمة الإرث الروحي الذي يملكه شعب إسرائيل
القسم الأول حكمة الفصول 1 - 5 مخصص للتفكير في مصير الأبرار والأشرار ويتكلم بالتفصيل على اضطهاد الأشرار للبار حكمة 2 : 10 - 20
القسم الثاني حكمة 6 : 1 ، 9 : 12 يمتدح الحكمة التي لا غنى عنها لجميع الناس بالأخص للذين يملكون في الأمم يتكلم الكاتب فيجعل نفسه مكان الملك سليمان الذي يعتبره تقليد بني إسرائيل الحكيم 1 ملوك 5 : 12
القسم الثالث حكمة 9 : 13 ، 19 : 22 وعنوانه الحكمة في التاريخ المقدس يبدأ بصلاة سايمان ثم يستعرض أخبار التكوين والخروج ويتطرق إلى مسالة الشرك مستعيناً بنصوص من إشعيا فصل 44 ، مزمور 115 : 3 - 8
يعود الكاتب إلى نصوص التوراة يفسرها من جديد من خلال العقلية اليونانية فيقدم نظريات لا نجدها في الفكر العبري مثل انفضال النفس عن الجسد حكمة 9 : 15 وخلود النفس حكمة 3 : 14 ، 8 : 17 ، 15 : 3
1 أحبوا التقوى يا حكام الأرض تأملوا في الرب واطلبوه بطيب قلب
2 فالـذين يسعون إليه يجدونه والـذين لا يشكون فيه يرونه
3 سوء الظن يبعد الإنسان عن االله والشك في قدرته يفضح الجهل
4 فالحكمة لا تدخل نفسا ماكرة ولا تحل في جسد تستعبده الخطيئة
5 هي روح طهرها التأديب تهرب من الخداع وتبتعد عن الظنون الباطلة وتخجل من الظلم
6 وهي روح محبة لكنها لا تغفر لمن يكفر بكلام االله فاالله يدرك مشاعر الإنسان ويرى ما في قلبه ويسمع ما ينطق به لسانه
7 روح الرب يملأ الكون وبالأشياء كلها يحيط لهذا هو عليم بكل ما يقوله الإنسان
8 لا يخفى عليه ناطق بسوء وبإنسان كهذا ينزل العقاب العادل
9 أمام االله تنكشف أخفى نياته وأقواله تصل عرش الرب وتحكم على شر أفعاله
10 فآذان الرب تسمع كل شيء حتـى الهمس
11 فتجنبوا الهمس الـذي لا خير فيه وصونوا ألسنتكم من النميمة فما يقال في الخفية لا يمر دون عقاب واللسان يودي بصاحبه إلى الهلاك
12 لا تسعوا وراء الموت بما ترتكبون من أخطاء في حياتكم ولا تجلبوا على أنفسكم الهلاك بأعمال أيديكم
13 فاالله لم يصنع الموت لأن هلاك الأحياء لا يسره
14 خلق كل شيء للبقاء وجعله في هذا العالم سليما خالـيا من السم القاتل فلا تكون الأرض مملكة للموت
15 لأن التقوى لا تموت
16 لكن الأشرار جلبوا على أنفسهم الموت بأعمالهم وأقوالهم حسبوا الموت حليفا لهم وعاهدوه فصاروا إلى الفناء فكان هو النصيب الـذي يستحقون
4 : أمثال 1 : 20
5 : لا تقيم حيث يكون الظلم أو تفشل أمام الظالمين
13 : حزقيال 18 : 23 ، 33 : 11
15 : ترجمة بديلة لأن التقوى خالدة .
16 : وعاهدوه إشعيا 28 : 15
1 ويخطـئ الأشرار حين يقولون في أنفسهم حياتنا قصيرة بائسة ولا من دواء للموت كذلك لا نعلم أحدا رجع منه
2 ولدنا مصادفة وبعد موتنا يكون كما لو لم نكن وما النسمة الـتي نتنفسها إلا دخان وما الحس إلا شرارة في خفقان قلوبنا
3 فإذا انطفأت عاد الجسم رمادا وتلاشت الروح كنسمة واهية
4 بعد حين ينسى إسمنا ولا يذكر أحد أعمالنا وتزول حياتنا كغيمة بلا أثر وتتبدد كضباب يسوقه شعاع الشمس ويلاشيه حرها
5 فأيامنا ظل عابر ولا رجوع لنا بعد الموت لأنه يختم أبواب قبورنا فلا يعود منها أحد
6 فتعالوا نتمتع الآن بالملذات الحاضرة وسريعا كما يفعل الشباب
7 نرتوي من الخمور الفاخرة وبالطيوب نتعطر ولا تفتنا زهرة في ربـيع
8 نتكلل بالورد قبل ذبوله
9 ولا يحرم أحدنا نصيبه من اللذائذ ولا نترك مكانا إلا ولنا فيه أثر من لذة فهذا حظنا ونصيبنا في الحياة
10 بل دعونا نظلم الفقير ولو كان من الأتقـياء ولا نشفق على الأرملة ولا نحترم شيبة الشيوخ
11 ولتكن قوتنا هي القانون العادل لأن الضعف لم يكن حتـى الآن نافعا في شيء
12 فلنتحين الفرصة للانقضاض على الأتقـياء لأنهم يضايقوننا ويقاومون أعمالنا ويتهموننا بمخالفة أحكام الشريعة ويفضحون خروجنا على الأعراف والتقاليد
13 يدعون معرفة االله ويسمون أنفسهم أبناء الرب
14 كل همهم تفنيد آرائنا بل منظرهم يثير اشمئزازنا
15 لأن سلوكهم غريب في الحياة يخالف سلوك الآخرين
16 يحسبوننا زائفين فيتجنبون سلوكنا كأننا أنجاس يبشرون أن نهاية الصالحين مباركة ويتباهون بأنهم أبناء االله
17 فلننتظر لنرى هل أقوالهم هذه حق وكيف تكون عليه نهايتهم في الحياة
18 فإن كان الأتقـياء أبناء االله أفلا يعينهم وينقذهم من أيدي خصومهم؟
19 فلنمتحنهم بالإهانة والتعذيب لنعرف مدى وداعتهم ونختبر صبرهم
20 ولنحكم عليهم بالموت في العار لنرى إذا كان االله يرد عنهم
21 هذا ما يتوهمونه لكنهم يخدعون أنفسهم لأن الشر أعمى بصائرهم
22 هم لا يعرفون أسرار االله ولا يرجون للقداسة جزاء ولا لطهارة النفوس أملا بثواب
23 خلق االله الإنسان لحياة أبدية وصنعه على صورته الخالدة
24 ولكن بسبب حسد إبليس دخل الموت إلى العالم فلا يذوقه إلا الـذين ينتمون إليه
1 : لا نعرف أحداً رجع منه من عالم الموت أو ينجي منه
4 : جامعة 2 : 16
9 : ولا يحرم أحدنا نصيبه من اللذائذ وبعض المخطوطات لا يحرم أحد من أعيادنا الماجنة
13 : أبناء أو عبيد
23 : تكوين 1 : 26 - 28
24 : تكوين 2 : 17 ، 3 : 6 ، 17 - 19 ، رؤيا 5 : 12
1 أما نفوس الأتقياء فهي بـيد االله فلا يمسها عذاب
2 لكن الجهلاء يعتقدون خطأ أن الأتقـياء إذا ماتوا يعانون الموت في شقاء عظيم
3 وأن رحيلهم عنا نكبة بينما هم في واقـع الحال في سلام
4 ومع أنهم في نظر الناس يعاقبون فرجاؤهم أكيد أنهم خالدون
5 وإذا أصابهم التأديب فهم يجازون خيرا كبـيرا لأن االله امتحنهم فوجدهم أهلا له
6 محصهم كالذهب في النار وقبلهم كما يقبل المحرقات
7 فهم في يوم الحساب يشتعلون كنار يتطاير شررها بين القصب
8 فيدينون الأمم ويحكمون الشعوب ويملك ربهم عليهم إلى الأبد
9 والمتوكلون عليه سيفهمون الحق والمؤمنون بمحبته سيلازمونه كقديسيه ومختاريه وتكون النعمة والرحمة لهم
10 أما الكافرون به فسينالهم العقاب على سوء ظنونهم الـتي أدت بهم إلى إهمال الأتقـياء والابتعاد عن الرب
11 فما أتعس الـذين يحتقرون الحكمة والتأديب يكون رجاؤهم باطلا وأتعابهم عقيمة وأعمالهم لا فائدة فيها
12 وتكون نساؤهم سفيهات وأبناؤهم أشرارا ونسلهم ملعونا العقم أفضل من نسل شرير
13 فهنيئا للعاقر الـتي لم تتدنس ولم تعرف الزنى لأنها ستنال ثمرتها يوم الحساب
14 بل هنيئا للخصي الـذي لم ترتكب يده إثما ولا نوى في قلبه شرا على الرب لأنه سينال جزاء المؤمن مكانا لائقا في هيكل الرب يكون أعز عليه من الأولاد
15 فثمرة الجهد الصالـح مجيدة وللحكمة جذور لا تفنى
16 أما أولاد الزناة فلا تكتمل أعمارهم ونسل الحرام ينقرض
17 رفهم لا شيء وإن طالت حياتهم وشيخوختهم بلا كرامة
18 وإن ماتوا باكرا فلا رجاء لهم ولا عزاء في يوم الحساب
19 تلك هي نهاية المولود بالإثم فيا للتعاسة
4 : في نظر الناس يعاقبون يعتبرون الأشرار أن موت الأبرار عقاب لهم وهناك رأي آخر يلمح إلى الآلام التي تحملها الأبرار في خلال حياتهم على الأرض
5 : رومة 8 : 18 ، 2 كورنتوس 4 : 17
9 : المؤمنون بمحبته سيلازمونه ترجمة بدلية المؤمنون سيلازمونه في المحبة والرحمة لهم وتزيد مخطوطات ويحرسهم
10 : إهمال الأتقياءأو إهمال التقوى
13 : للعاقر كانت المرأة تعتبر نفسها ملعونة إذا لم يكن لها أولاد لم تدنس بزواج مع وثني تثنية 7 : 3 لم تعرف الزنى مع أي رجل غير زوجها
14 : اشعيا 56 : 3-5
16 : نسل الحرام الآية 13
1 خير للإنسان أن يكون بلا أبناء لكنه يمتلك الفضيلة لأن ذكرها خالد ولأنها مكرمة عند االله والإنسان
2 إذا حضرت يعمل بها البشر وإذا غابت يشتاقون إليها تلبس التاج وتنتصر مدى الأيام في صراعها من أجل الحصول على مكافآت نقـية
3 ولكن زمرة الأشرار مهما تكاثروا يكونون بلا فائدة هم أبناء زنى كشجرة فسدت أصولها لا يتجذرون عميقا في الأرض ولا يقومون على أسس ثابتة
4 وإن أخرجوا فروعا إلى حين فلا بد أن تزعزعهم الريح وتقتلعهم الزوبعة
5 فتتكسر فروعهم الفاسدة قبل الأوان وثمارهم الخبـيثة لا تنضج فلا تؤكل ولا تعود صالحة لشيء
6 والمولودون من الحرام يشهدون يوم الحساب على ما ارتكبه والدوهم من عار
7 أما الابرار فيجدون الراحة وإن ماتوا شبابا
8 فالشيخوخة تستحق التكريم وهذا لا لأن الشيخوخة تقاس بعدد السنين
9 بل لأن الحكمة تعني المشيب والحياة الصالحة من الشيخوخة
10 والمثل على ذلك هو أخنوخ الـذي رضي عنه االله فأحبه وكان يعيش بين الخاطئين فانتشله منهم
11 أخذه سريعا لئلا يفسد الشر عقله ويستولي الباطل على نفسه
12 فسحر الضلال يعمي البصيرة عن الخير والشهوة تدوخ العقل السليم
13 وبلغ أخنوخ من الكمال حدا لا يبلغه سواه في سنين كثيرة
14 كان الرب راضيا عنه فأبعده سريعا عن الأشرار ورأى الناس هذا كله فلم يفهموا ولا هم اعتبروا
15 أن نعمة االله ورحمته هما لقديسيه وأنه يهتم بالـذين اختارهم
16 فالأتقـياء ولو ماتوا يحكمون على الأحياء الأشرار وهؤلاء الأشرار إذا شاخوا بعد عمر طويل لا يجدون كرامة عند الشباب الـذين بلغوا الكمال
17 وهم إذا رأوا حكيما عاجله الموت لا يفهمون أن تلك هي مشيئة الرب وأنه أراد في ذلك أن ينقله إلى دار الأمان
18 يرون ذلك ويمقتونه ولكن الرب يضحك عليهم
19 وحين يموتون تكون جثثهم بين الأموات موضع سخرية إلى الأبد لأن الرب يمزقهم ويرميهم
إلى الجحيم فينصعقون ويخرسون ويقتلعهم من جذورهم ويجلب عليهم الخراب والويل فيختفي ذكرهم
20 ويأتون خائفين إلى يوم الحساب فتدينهم آثامهم
2 : تلبس التاج هكذا كانت حالة المنتصر في الألعاب الرياضية 1 كورنتوس 9 : 24 ، 25 ، فيلبي 3 : 13 ، 14
6 : الحكمة 3 : 13 )
10 : والمثل على ذلك هو أخنوخ زيدت هذه العبارة للتوضيح
10-14 : نتذكر هنا خبر اخنوخ تكوين 5 : 21-24
15 : الحكمة 3 : 9
1 وفي ذلك اليوم يقوم الأتقـياء بجرأة عظيمة في وجه الـذين اضطهدوهم ولم يأخذوا في الاعتبار أتعابهم
2 وحين يرى هؤلاء ذلك يستولي عليهم رعب شديد وينذهلون من خلاصهم العجيب الـذي لم يكونوا ينتظرونه
3 فيندمون ويقولون في أنفسهم وهم يئنون من الحسرة
4 هؤلاء هم الـذين احتقرناهم حينا وحسبناهم مثلا للعار وما كان أحمقنا حين حسبنا حياتهم جنونا وآخرتهم بلا كرامة
5 فكيف يعدون من أبناء االله وحظهم بين القديسين؟
6 إذا فنحن الـذين ضللنا عن الحق ونور الحق لم يضئ لنا وشمسه لم تشرق علينا
7 أنهكنا أنفسنا في سلوك طريق الشر والهلاك وهمنا على وجوهنا في متاهة بلا معالم وكان أولى بنا أن نعلم طريق الرب
8 فماذا نفعتنا الكبرياء وماذا أفادنا اعتزازنا بالأموال؟
9 مضى هذا كله كالظل وكالخبر الـذي يسمع وما أسرع ما ينسى
10 بل هو أشبه بسفينة تعبر الأمواج ولا تترك خلفها أثرا يستدل به
11 أو كطائر يطير في الجو فلا يبقى دليل على مسيره يضرب الريح الخفيفة بجناحيه فيما بعنف يشق طريقه ويعبر وبعد ذلك يمحى الأثر
12 أو هو كسهم يرميه صاحبه إلى الهدف وفي الحال يعود الهواء الـذي يخترقه السهم إلى حاله فلا يرى أحد ممره
13 وكذلك نحن ما إن ولدنا حتـى بدأنا نقترب من آخرتنا غير تاركين أثرا لفضيلتنا بل فنينا في ما ارتكبناه من الرذائل
14 فما رجاء الأشرار؟رجاؤهم كغبار في الريح وكزبد الأمواج تطارده العاصفة وكدخان تبدده الأعاصير هنا وهناك وكذلك كضيف نزل يوما ثم ارتحل
15 أما الأتقياء فيحيون إلى الأبد يجازيهم الرب خيرا وبهم يهتم العلي
16 ينالون من الرب مجدا ملوكيا وتاجا جميلا من يده ويسترهم بـيمينه وبذراعه القوية يحميهم
17 يحرص أشد الحرص على القتال معهم ويجعل الخلق كلهم سلاحه للانتقام لهم من الأعداء
18 يلبس الحق درعا والعدل خوذة
19 ويـتخذ القداسة ترسا لا يقهر
20 وتكون شدة غضبه سيفه المصقول والعالم جيشه في مقاتلة الجهال
21 فتنطلق صواعق البروق انطلاقا محكما من الغيوم كما لو من قوس مشدودة تنطلق ولا تخطـئ سهامها
22 وكذلك البرد الـذي يرجمهم بغيظ شديد كأنما بمقلاع وتنقض عليهم أمواج البحر حتـى
يغرقهم طوفان لا يرحم
23 بلى وتثور عليهم ريح شديدة وكالعاصفة تذريهم هكذا تدمر الرذيلة الأرض كلها والسيئات تقلب عروش الجبابرة
5 : بين القديسين أو بين الملائكة مزمور 89 : 6-8
7 : انهكنا أنفسنا أو أشبعنا أنفسنا
14 : كزبد الأمواج أو كالثلج الأبيض
22 : طوفان حرفياً الأنهار
23 : ريح شديدة أو روح الله القدير
1 فاسمعوا أيها الملوك وتعقلوا واتعظوا يا حكام الأرض كلها
2 أصغوا أيها المتسلطون على الجماهير أيها المفتخرون بكثرة الخاضعين لكم من الأمم
3 جبروتكم من الرب ومن العلي سلطانكم وهو سيفحص أعمالكم ونـياتكم
4 فما أنتم إلا حكامه في خدمته فإذا لم تحكموا بالعدل وتعملوا بأحكام الشريعة وتسيروا بحسب مشيئته
5 فسينزل عليكم بغتة عقابا شديدا لأن الحكم يكون أشد قساوة على الـذين يحتلون المناصب الرفيعة
6 فالرحمة أولى بأن تكون لعامة الناس لا لأرباب القوة الـذين بقساوة يجب أن يعاقبوا
7 والـذي هو رب الجميع لا يخاف أحدا ولا يهاب عظمة أحد لأنه هو الـذي خلق الصغير والكبـير على السواء وعنايته تشمل الجميع
8 ولو كان يقسو في حكمه على الأقوياء
9 إليكم إذا أيها الملوك أوجه كلامي لتتعلموا الحكمة فلا تضلوا
10 هذه أمور مقدسة فإذا نظرتم إليها بقداسة تعاملون بقداسة وإذا تعلمتموها حصلتم على ما تدافعون به عن أنفسكم يوم الحساب
11 وخلاصة القول هي أن تحترموا تعاليمي وترغبوا فيها، فتتأدبوا خير تأديب
12 فالحكمة بهاء كلها وبهاؤها لا يبهت يراها الـذين يحبونها ويسهل منالها على الـذين يطلبونها
13 وهي تتجلى سريعا للـذين يتعشقونها
14 من يسعى وراءها باكرا لا يلقى صعوبة لأنه يجدها جالسة عند بابه
15 فالتفكير فيها إذا كمال الحكمة ومن يترقبها يخلو من الهم
16 فمن عادتها أنها تجد في طلب الـذين هم أهل لها وتظهر لهم بما يحببها إليهم ويجعلهم يتأملونها في كل شيء
17 فرأس الحكمة حقا هو الرغبة في طلب التأديب
18 وغاية التأديب محبة الحكمة والعمل بشرائعها ومراعاتها مراعاة تؤمن الخلود
19 الخلود يقرب الإنسان من االله
20 وإذا فالرغبة في الحكمة تؤدي إلى دوام الملك
21 فإذا كنتم يا ملوك الشعوب تعشقون العرش والصولجان فما عليكم إلا أن تكرموا الحكمة فيدوم ملككم إلى الأبد
22 والآن أخبركم ما الحكمة وكيف نشأت ولن أخفي من أسرارها شيئا فأبحث عن سيرتها من بدايتها وألقي الضوء عليها حتـى تنكشف على حقيقتها
23 وأنا في ذلك حريص على أن لا تستبد بـي الغيرة على الحكمة فأتحيز لها وإلا فلا يحق لي ولا لأمثالي أن يكونوا من أتباعها
24 في كثرة الحكماء خلاص العالم والملك الحكيم يؤيد خير الشعب
25 فتعلموا من أقوالي لأن فيها خيركم
2 : إشارة إلى سلطة رومة الواسعة
3 : جبروتكم سلطانكم دانيال 4 : 14 ، رومة 13 : 1
7 : أيوب 34 : 19 ، أمثال 22 : 2
12 : الذين يحبونها أمثال 8 : 17
20 : نحن أمام ملك سماوي يشارك فيه الأبرار الآية 19 أو نحن أمام ملك أرضي تعلمنا الحكمة كيف نتعامل معه الآية 21
22 : الحكمة سيصورها الكاتب الحكمة 7 : 22 - 27
24 : الملك الحكيم يشوع بن سيراخ 10 : 1 - 13
1 ما أنا إلا إنسان للموت كالآخرين وكالآخرين أنا من نسل أول رجل جبله االله من التراب تكونت جسدا في رحم أمي
2 وفي مدة تسعة أشهر تكونت من لحم ودم بمنـي رجل في لذة المضاجعة
3 ولما ولدتْ سقطت على الأرض مثلما يسقط كل مولود جديد وتنفست الهواء مثل كل مولود جديد كان البكاء أول ما أخرجته من صوت
4 وربـيت في القمط وباهتمام كبـير
5 شأن كل أبناء الملوك
6 على أن لنا نحن البشر جميعا مدخلا واحدا إلى الحياة ومخرجا واحدا منها
7 لذلك صليت من أجل الفهم فنلته ودعوت االله فحل علي روح الحكمة
8 فضلتها على أي صولجان وعرش وعرفت أن لا غنى يعادلها
9 ولا أي حجر كريم فجميع الذهب مقابلها كمشة من رمل وكذلك الفضة كمشة من طين
10 وأحببتها فوق العافية والجمال واخترتها لي نورا لا يغيب أبدا
11 فلما جاءتني الحكمة جاء معها كل خير ونلت من يديها غنى لا يحصى
12 ففرحت بهذا كله لأن هذا كله جاءني بعد الحكمة ولم أكن أعلم أنها مصدره جميعا
13 تعلمت الحكمة بإخلاص وأشركت فيها الآخرين بحرية وما أخفيت من غناها شيئا
14 هي كنز للناس لا يجف والـذين يكتسبونها يصيرون أصدقاء االله وما ذلك إلا لأن االله يرضى عن الـذين يتعلمونها
15 والآن أرجو االله أن يمنحني القدرة على التعبـير عما تعلمته وعلى التفكير بما يليق بالهبات المعطاة لي لأن االله هو الهادي إلى الحكمة ومرشد الحكماء
16 في يده نحن وأقوالنا وكل فهم ومهارة
17 وهو الـذي وهبني علما يقينا بكل شيء بخلق الكون وبأعمال عناصره
18 بابتداء الزمن باستمراره بانتهائه بمسار الشمس وتغير الفصول
19 بدورة السنين وأوضاع الأفلاك
20 وما بطبائـع الحيوان والوحوش وبثورة الرياح بتفكير الإنسان وأنواع النبات وقدرة جذوره على الشفاء
21 تعلمت هذه الأمور وأمثالها الظاهر منها والخفي
22 لأن الحكمة الـتي كونت كل شيء علمتني فروح الحكمة فهيم قدوس فريد في نوعه متعدد سريع الحركة خال من المادة نقـي غير مدنس وديع لا يؤذي أحدا محب للخير حاضر البديهة لا يقهر راغب في الإحسان
23 والرأفة بالبشر ثابت واثق بنفسه خالي البال قادر على كل شيء نافذ البصيرة يفهم الأرواح كلها مهما كانت نقية ودقيقة
24 والحكمة أسرع من الحركة ذاتها وهي لطهارتها تنفذ في كل شيء
25 لأنها نسمة االله القدير وقوة صافية فاضت من مجد القدير فلذلك لا يصيبها دنس
26 لأنها ضياء النور الأبدي والمرآة النقية الـتي تعكس أعمال االله الصالحة
27 ومع أنها وحدها فهي تفعل كل شيء وتجدد كل شيء وتبقى هي ذاتها
ومن جيل إلى جيل تحل في نفوس القديسين وتجعلهم أحباء االله وأنبـياءه
28 لأن االله لا يحب أحدا إلا الـذي يلازم الحكمة
29 فالحكمة أبهى من الشمس وأسمى من الأفلاك ولا تتقدم على نور النهار
30 لأن النهار يتبعه الليل وأما الحكمة فلا يغلبها الشر
1 : جبله الله من تراب تكوين 2 : 7
2 : تسعة أشهر حرفياً كانوا يحسبون بداية الشهر شهراً كاملاً
7 : 1 ملوك 3 : 6 - 9 ، 5 : 12
9 : أمثال 8 : 11
14 : يكتسبونها أو يستفيدون منها
15 : عما تعلمته أو بحسب إرادته أو بفطنة
17 : عناصر الكون الأساسية الهواء والماء والنار والأرض هكذا يقولون اليونان
20 : ثورة الرياح أو الأرواح الفاعلة في الكون وفي الانسان
22 : لا يؤذي أحداً أو لا يصل إليه البشر
1 والحكمة بقوة تحكم الكل من طرف إلى طرف وبعذوبة تدبر كل شيء
2 أحببتها وطلبتها منذ صباي وتمنيت أن تكون لي عروسا لكثرة ما فتنت بجمالها
3 فهي تمجد أصلها بحياتها مع االله وهو ما زادها مجدا حتـى إن االله ذاته وهو رب الجميع وقع في حبها
4 فمنحها معرفته الخفية وتركها تنفذ أعماله
5 وإذا كان الغنى مطلبا في الحياة فأي شيء أكثر غنى من الحكمة الـتي تعمل كل شيء؟
6 وإن كانت الفطنة سبـيلا إلى النجاح في العمل فأي شيء أكثر دهاء من الحكمة؟
7 وإذا أحب الصلاح أحد فالحكمة تعلم الفضائل كلها العفة والعدل والشجاعة والفهم وهذه أكثر نفعا للبشر من أي شيء في الحياة
8 وإذا رغب أحد في المعرفة فالحكمة تعرف القديم وتنبـئ بالآتي وهي تفهم فنون الكلام وتفسر الغامض من معانيه ومسبقا ترى الدلائل والمعجزات وحوادث الفصول والأزمنة
9 لذلك عزمت على أن أجعل الحكمة صديقة لي تسكن معي يقينا مني بأنها تكون لي مشيرة بالخير ومعزية في أوقات الهم والغم
10 ويكون لي بفضلها ما يرفع شأني عند الجماهير ومقامي بين الشيوخ وإن كنت بعد في عز الشباب
11 لأنهم سيجدون أني سريع البديهة وهو ما يحببني إلى عظماء الرجال
12 إذا صمت ينتظرون حتـى أتكلم وإن تكلمت يصغون بانتباه وإن أطلت الكلام يضعون أيديهم على أفواههم مأخوذين بما أقول
13 وفوق ذلك فيها أنال الخلود وأترك للـذين بعدي ذكرا باقيا مدى الدهر
14 أدير شؤون الناس وتكون الأمم خاضعة لي
15 وما إن يسمع الطغاة بـي حتـى يستولي عليهم الرعب لشهرتي كملك صالـح على الشعب وكبطل في القتال
16 وإذا عدت إلى بيتي حيث تسكن الحكمة وجدت الراحة معها لأن لا مرارة في حديثها ولا حزن في الحياة معها بل سرور وفرح
17 فلما تفكرت في ذلك وتأملته في قلبـي وجدت أن في الارتباط بالحكمة خلودا
18 وفي مصاحبتها لذة طاهرة وفي أعمال يديها غنى لا حد له وفي اتباع مشورتها عين الصواب وفي التحدث إليها كل الفخر فرحت أبحث عن طريقة للحصول عليها
19 وفي صغري كنت موهوبا سليم الروح وهذا ما جعلني سليم الجسد
20 ولكني مع ذلك أدركت أن حصولي عليها غير ممكن إلا بهبة من االله فكان إدراكي هذا دليلا على شيء من الحكمة حتـى في ذلك الوقت لذلك صليت إلى الرب من كل قلبـي قائلا
8 : الدلائل والمعجزات أي ظواهر غير المتوقعة مثل الكسوف والزلازل حوادث الفصول والأزمنة المؤاتية لمشاريع الناس أو تعاقب أزمنة التاريخ
1 يا إله آبائي ورب الرحمة وخالق كل شيء بكلمة منك
2 يا من أوجد الإنسان بحكمته وجعله يسود على الخلائق الـتي صنعها
3 ويحكم العالم بالعدالة والحق ويقضي بين الناس باستقامة القلب
4 هبني الحكمة الجالسة إلى عرشك ولا تحرمني أن أكون من أبنائك
5 فأنا عبدك وابن أمتك إنسان ضعيف قصير العمر في هذه الدنيا وقاصر عن فهم أحكامك وشرائعك
6 وكيف لا يكون الأمر كذلك والإنسان لو بلغ حد الكمال لا يحسب شيئا ما لم تكن معه الحكمة الـتي منك
7 ومع ذلك اخترتني لشعبك ملكا ولبنيك وبناتك قاضيا
8 وأمرتني أن أبني لك هيكلا على جبلك المقدس ومذبحا في مدينة سكناك على مثال المسكن المقدس الـذي هيأته منذ البدء
9 فالحكمة معك كانت حاضرة حين صنعت العالم فهي تعلم بأعمالك وتعرف ما يرضيك وما يتفق مع وصاياك
10 فيا ليتك ترسلها من السماوات المقدسة من عرشك المجيد حتـى إذا حضرت تعينني على تحقيق ما يرضيك
11 فهي تعلم وتفهم كل شيء فترشدني بصبر في ما أعمل وبمجدها تحميني
12 فتكون أعمالي مقبولة لديك وأقضي لشعبك بالعدل وأصبح أهلا لعرش أبـي
13 ولكن من يعلم أفكارك أيها الرب الإله أو يدرك مشيئتك؟
14 فالعقل البشري قاصر ووسائله عاجزة كل العجز
15 لأن الجسد الفاني الـذي هو المسكن الأرضي يرهق النفس ويعيق الفكر
16 وإذا كنا نحن البشر غير قادرين أن نعرف ما على الأرض بل حتـى ما هو أمام عيوننا فكيف نقدر أن نعرف ما في السماوات؟
17 من يعرف أفكارك إذا أنت لم تمنحه الحكمة ومن أعالـيك إليه ترسل روحك المقدس؟
18 ففي الحكمة وحدها يستقيم مسلك البشر على الأرض ويتعلمون ما يرضيك وينالون الخلاص
1 : 1 ملوك 3 : 6 - 9
2 : تكوين 1 : 26 - 28
5 : مزمور 116 : 16
7 : اخترتني ففضلتني تلميح إلى إزاحة إخوة سليمان من طريقه إلى المك 1 ملوك فصل 1 ، 1 أخبار 28 : 5 ، 6 بنيك وبناتك أي كل شعبك
8 : جبلك قدسك أي جبل أورشليم على مثال المسكن المقدس خروج 25 : 9 ، 40 ، رسل 7 : 44 ، عبرانيين 8 : 5
9 : كانت حاضرة أمثال 8 : 27 - 31